الكثير من حملة الشهادات الجامعية يكتفون بهذا القدر من التحصيل الدراسي على قدر ما يستطيعون به تدريس المناهج التربوية أو العمل في حقول تخصصهم العلمي أو الإنساني إن وفقوا في حجز مقاعد شاغرة لهم في الوزارات المعنية باحتضانهم وتوظيف طاقاتهم بالإتجاه الصحيح... فهل يمكن اعتبار هذا القدر من التحصيل الجامعي هو نهاية العالم؟
طبعا نحن لا نريد أن نكون مثاليين وسط ما ينتظر هؤلاء الخريجين من هموم الحياة ومشكلاتها، الأمر الذي يعزفون معه عن المطالعة والزيادة في عمليتي التثقيف والتوعية، ولكن للأمانة الرسالية التي في أعناقهم، وتبنيهم صياغة رؤى وأفكار تليق بهم كصنّاع حضارة مستقبلية، تتوافق وتجاربهم ومسعاهم، أن يواكبوا ويوصلوا لأبنائنا أحدث المعلومات والتقنيات الحديثة، مع استحداث أساليب جديدة في طرق التدريس، تتلائم وطبيعة جيل العولمة الذي تكالبت عليه من كل حدب وصوب تيارات متعددة تؤثر على سلوكه وطريقة تفكيره...
فلا ينفع ان نقسر طلابنا على طرق التعليم في الزمن الماضي، فلكل عصر منظومته التعليمية التي ينبغي أن تُراجع على الدوام وتُهذّب وفق مقتنيات النهضة الفكرية والعلمية التي يشهدها العالم، فلا نكون بمنأى عما يدور من حولنا حتى يصل بنا الحال إلى أن يتفوق بعض الطلبة على أساتذتهم في كم المعلومات نتيجة إيمانهم العميق بأهمية القراءة والمطالعة الخارجية، حتى وصل الحال عند بعض المدرسين أنهم لم يقرأوا كتابا واحدا خارج المادة التي يدرسونها، وقد مضى على تعيينهم سنوات طويلة...
فضلا عن اقتناء أجهزة الحاسوب، والإستفادة من كم هائل من المعلومات في أقراص مضغوطة، تتيح للدارس فضاء أرحب، فالكثير من المدارس في مجتمعاتنا محرومة من أجهزة الكومبيوتر لأسباب قد ترجع إلى الموازنة أو التخطيط العام، وقد يكون السبب في نفس المدرسة وكادرها في عدم ضغطهم على الجهات المسؤولة لتوفير هذه الأجهزة التي أصبحت في متناول الأطفال في العديد من دول العالم...
على وزارات التربية أن تصل بالأستاذ إلى أرقى المستويات من الكفاءة عن طريق الدورات التثقيفية والعلمية المكثفة، ورفده بكل السبل المتاحة لبلوغه الدرجة القصوى ليس فقط في اختصاصه، وإنما في نبوغ تفكيره وثقافته بشكل عام، لنحصد في النهاية جيلا رصينا غير مؤدلج لتيارات خارجية مسيّسة ومنحرفة