لقد دفعني للكتابة في ذلك الموضوع خاطرة " " للأستاذ عبد الحفيظ الهنيدي والتي أوردها هنا :
" في ... المقهى "
في ركنٍ من أركان المقهى
ألقيت بجسمي المكسور
إلى كرسيٍ يعرف كل تفاصيل حياتي
يعرف من كنت ومن سأكون
كانت راحتي اليمنى
تسند رأسي الغارق في بحرٍ هائج،
تتلاطم في جوفي الضائع أمواجه
كانت شمس الظهر
ترش الأرض بضوء
يترقرق كالحلم الشفاف.
..............
ظهرئذ
مر أمامي طفل هرم
في هيئة غيني مخبول
يحمل مصباحاً يدوياً
ألقى الطفل بنور المصباح إلى الأرض
وراح يحدق في الأرض
يتصفح هذي الأشجار
وهذي الأحجار
كمن يبحث عن شيء فقده.
قلت :سلاما.
قال :سلاما.
قلت :أتبحث عن شيء ؟
قال ـ وعيناه على الشجر المار أمامه ـ
إني أبحث في الأرض عن الإنسان.
*..*..*..*
يا سياف أرحني من وسواسي.
اقطع رأسي .
قطعه
ثم ألقيت بجثتي الزرقاء
إلى كرسي آخر .
في مقهى آخر .
في حي آخر .
في زمن آخر .
حركت جناحي فسافرت بعيدا
أعرضني في وضح الشمس
على ضوءا لمصباح اليدوي
أطير حواليه من الصبح إلى الصبح
لعلي من هول الطيران
أعود إلى الأشكال
فيخبرني عن حالي
ضوء المصباح المتلالي
أطير حواليه صباحاً فصباحاً..
ثم أمرح بين حدائقه بدلالي
طمعا في أن أشرق ذات صباح آخر.
ت:الهنيدي
كيف هو الإنسان في داخل كل فرد منا ؟
هل سأل كلٌ منا نفسه في جلسة مصارحة هل أنا إنسان ؟
وماذا تعني الإنسانية لدى كلٍ منا ؟
أرى من حولي قتلٌ وتشريد
وسفهٌ من البشر وتعربيد
وانتقامٌ وإيذاءٌ ووعيد
بعدٌ عن نهج الرحمة وإغراقٌ في القسوة
برجماتية عفنة تحكم تصرفاته
والإنسانية لديه بيعٌ وشراء
وماهي إلا شعاراتٌ جوفاء
فهل أنت من هؤلاء ؟ أم أ،ك بداخلك إنسان ؟
فالإنسانية هي ذات المعاني في كل زمان ومكان
منذ بدء الخليقة والأديان تدعو لها
وغدت لدعاة الخير عنوان
فياترى ماهي الإنسانية ؟ وماهو الإنسان ؟
وهل تظل تبحث عنه بداخلك ؟
أم أنك تناسيت ذلك وتجاهلته ؟ أم تحاول أن تتناساه ؟
هل مسحت يوماً دمعة طفل يتيم ؟ هل يوما ما عزمت على أن تكون أباً حانياً لكل من ليس له أب ؟
أو ساعدت يوماً أرملة على قضاء حوائجها دون طمعٍ فيها ؟
هل أعنت بحب واشتياق ذا الحاجة الملهوف ببعض ماتملك ؟
هل رحمت معوزاً في حال كنت له دائناً
هل عفوت عمن ظلمك ؟ وأعطيت من حرمك ؟ ووصلت من قطعك ؟
هل قررت يوما ما أن لاتنام قرير العين وإلا وقد أتيت من فعال الإنسانية مايثبت أن بداخلك سماتها ؟
هل تلمست حاجة من حولك دون أن يعرضوا عليك حاجاتهم ؟
هل حملت هم الإنسانية وهم الأمة وهم الآخرين قبل أن تحمل همك وتندفع لتحقيق آمالك غير مبالي بغيرك ؟
هل وجدت بالفعل أنك تستحق أن تمنح لقب إنسان وصرت على قناعة بذلك ؟
هل ... ؟ هل... ؟ هل ... ؟
كثيرةٌ هي خصال الإنسانية والفعال التي تمت إليها
فهل لديك بعضاً من تلك الصفات ؟
هل قمت ببعضٍ من تلك الأفعال ؟ ومازلت تقوم بها ؟
هل ترى أن هناك ضرورة للعودة السريعة منا لإنسانيتنا بعد أن طرحنا صفاتها وراء ظهورنا بكثرة شرورنا ؟
ماهي ملامح الإنسان من وجهة نظرك والتي تنوي الرجوع إليها والاتسام بها ؟
" الإنسانية " إخواني تلك اللفظة التي ظلمناها كثيراً ولايدرك الكثيرون معناها وفحواها
" الإنسانية " التي باتت تتوارى عن الأنظار خجلاً بعد أن أهملها كثيرٌ من الناس
" الإنسانية " ذلك المنهج المتكامل للحق والعدل والرحمة والمساواة والنجدة والمروءة والعفة والشرف , ...
هل أصبح من الضرورة الآن أن نعود إليها بعدما هجرنا معانيها السامية ؟ وهي الضرورية في كل وقت
ترانا متى نعود إليها ؟ وهل بعد لم يحن الأوان ؟ أم أنه قد آن ؟