إنه مشهد مألوف في فناء روضة الأطفال على مدى الأسابيع الأولى من الدراسة , مشهد الأطفال المتشبثين بآبائهم , حيث يجد هؤلاء الصغار في بداية حياتهم الدراسية صعوبة في أن يتركوا الآباء , إن الأسرة التي تضم ابناً خجولاً أو متشبثاً بأهله تدرك تماماً كم المعاناة التي يشعر بها الآباء في تربية مثل هذا الطفل ..الخجل هل هو شيء محمود ؟ ..قد يكون الخجل سلوكاً طبيعياً في مقتبل عمر الطفل , فالتصاق الطفل بالوالدين إحدى مراحل النمو الطبيعية عند معظم الأطفال الصغار , على الرغم من أن بعض الأطفال قد يسبقون غيرهم في تخطيها , كما أن تخطي الطفل لهذه المرحلة ينبع من شعوره بشخصه ككائن منفصل , ولكن إذا جاوز الطفل سن السابعة وظل على تلك الحال من الالتصاق بوالديه أصبح الخجل حينها شيئاً مذموماً يحتاج إلى علاج.ولا بد أن تدرك أخي المربي أن الخجل والحياء بينهما فارق كبير, حيث أن الخجل هو انزواء الطفل عند ملاقاة الآخرين ومواجهتهم.أما الحياء فهو التزام الطفل منهج الفضيلة والأخلاق العالية الرفيعة, مع أنه لا يخجل في طلب العلم, لأنه لا حياء في العلم وهو أيضاً لا يخجل في قول كلمة الحق لأن السكوت عن الحق من الجبن وضعف الشخصية وقد نهى عنه الشرع.ما سبب الخجل ؟!·بعض الأطفال خجولين بطبعهم, وقد يكونون أبطأ في التواؤم من غيرهم في المواقف الاجتماعية الجديدة, وقد أظهرت بعض البحوث أن الخجل قد يكون وراثياً في أحد جوانبه, بل إن الوراثة قد تلعب الدور الأكبر بالنسبة لتكوين صفة الخجل لدى الطفل.ويقول بعض الخبراء أن السبيل للتمييز بين الخجل الطبيعي والخجل الناتج عن التنشئة هو أن نضع في اعتبارنا السن الذي يظهر فيه الخجل؛ فإذا ظهرت على طفلك علامات الخجل منذ نعومة أظفاره _ الخوف من الأغراب, والمواقف الجديدة, وتجنب أي تواصل بصري _ فهذا يعني أنه على الأرجح وراثياً, ولكن إن ظهرت عليه علامات الخجل في وقت لاحق فهذا يعني أنه خجل مكتسب نتيجة لبعض العوامل البيئية, مثلا:هل انتقلت الأسرة مؤخراً إلى مكان جديد؟هل ولد طفل جديد في الأسرة؟هل هناك ما يدعو للاعتقاد بأن طفلك يتعرض لبعض المضايقات في المدرسة؟·كما يشير الأخصائيون أن الخجل قد يكون آلية للتكيف تساعد الشخص على التواؤم مع المواقف الجديدة والمثيرات الإضافية.·كما قد يكون الخجل رد فعل طبيعي لتجربة اجتماعية مثيرة, هذا وقد يساعد الانسحاب المؤقت للطفل على استعادة السيطرة, فهو عندما يراقب الوضع ويكتسب بعض الخبرة الخاصة بهذا الموقف الاجتماعي الذي يثير مخاوفه يمكن أن يتضاءل حجم الخجل لديه .·إن الضغط العصبي يمكن أن يجعل أي طفل يشعر بالتردد ومن ثم يشعر بالخجل , وكذلك تعمد الأطفال الآخرون مضايقته أو السخرية منه, أو كان للطفل طريقة غريبة في الدخول إلى الموقف, فسوف تساعد كل هذه العوامل على مضاعفة إحساسه بالخجل.·أحياناً قد ندفع الأطفال للخجل عندما نلقبه بالخجول أو عندما ندلل الطفل الأنطوائي في محاولة تشجيعه على الانخراط في أحد المواقف الاجتماعية , إن الأهل بذلك يدعمون شعور الطفل بالخجل.كيف يمكننا أن نتعامل مع مشكلة الخجل ؟·لا تكن خجولاً أيها المربي الفاضل, ولا تقل لطفلك أنت خجول مثلي فتحكم عليه بحكم مسبق.·لا تنعت طفلك بهذا الوصف أمام الآخرين أو وحدكما " إنه خجول بعض الشيء " لأن هذا الأسلوب سيطيل من فترة علاج الخجل.·عرض طفلك للبيئة الجديدة ولا تخف عليه زيادة الصدقات عن الحد المعقول بل ادفع به إلى الأوساط الجديدة وعلمه كيف يكون صداقات.·إذا ذهبت به إلى مكان جديد كالحضانة مثلاً وأراد الالتصاق بك فتفهم مشاعره وقل له " حسناً أنا أقدر رغبتك في الجلوس معي وأخبره أنك ستبقى معه بضعة دقائق ثم تنصرف " .·عليك بترسيخ نظام رادع يسمح لطفلك أن يعرف أنه قد حان وقت المغادرة, كأن تقول مثلاً "الآن سأنصرف".·إذا كان هناك مجموعة من الأطفال يلعبون؛ انصحه بالاقتراب للمشاركة, ولا تدفع الآخرين إليه, بل ادفعه هو ولا تقل للأطفال " خذوه معكم يلعب, فهو خجول بعض الشيء " لأن هذا الأسلوب يفاقم مشكلة الخجل.·علم طفلك إذا رأى مجموعة من الأطفال يلعبون أن يسألهم: ما الذي تلعبون؟·اجعل له موعدا يلعب فيه مع مجموعة من الأطفال ممن تثق في سلوكياتهم وأخلاقهم وتثق في تربية آبائهم لهم, ولا تدلل طفلك تدليلا زائدا فتقصر اللعب على بيته فقط .· حاول أن تنمي قوة الابتسام لدى طفلك لأنها ستساعده كثيراً على كسب علاقات قوية مع الآخرين .·علم طفلك أن يطرح أسئلة على الآخرين, وأيضاً أن يجيب على أسئلة الآخرين, وذلك من خلال أن تعوده فن الحوار وألا تتركه فرداً لا يكلم إلا نفسه, بل اجعل من وقتك ووقت زوجتك قسطاً لمحاورة الطفل فإن هذا الأسلوب يعلمه أن يكون اجتماعيا أكثر.·علم طفلك كيف يواجه عبارات المجاملة ويقولها أيضا مثل "جزاك الله خيرا ,, شكراً ,, عفواً ,, لو سمحت ,, أنت رائع .... " وهكذا ..وهكذا عزيزي المربي الفاضل؛ عليك أن تدرك أن الخجل أمر طبيعي لدى الأولاد, فعاون طفلك على تجاوز مخاوفه, والتغلب عليها, ولا تكن سببا في زيادتها, وتعميق المشكلة لديه.