بحثاً عن الخلاص ..

يفرح قلب الكاتب أيّ كاتب كان ، أن تلقى كلماته التي يعبر بها عن رأي يراه صائبا يصب في خدمة الآخر ، أن تلقى ردود فعل موضوعيّة حيال ما كتب. من هنا أود أن أشكرك الأخوين السيدين " شامي " و " أبو أنطون الحلبي " اللذين قدّما رؤيتي نظر متطابقتين من حيث المبدأ إلى حد ملحوظ حول سبل خلاص الإنسان مما هو عليه اليوم ، أعني الإنسان المتكالب على المنافع وتحقيق المكاسب المتصلة بالثروة وما شابه ذلك ، غير آبه بمن هم حوله .
إن نزعة السعي إلى إرضاء الذات ، من تداعياتها تشتت الشمل كما ورد في تعقيب الأخ " شامي " إثر قراءته مقالتي في موقعنا الالكتروني هذا المحترم يوم الأربعاء الفائت . وقوله إنه ليكون لنا خلاصنا أن ندرك أسباب تشتت شملنا قول صحيح ، ذلك لأننا ما دمنا نجهل من نحن اليوم حقا ، بغض النظر عما كنا عليه بالأمس وخصوصا بالأمس البعيد نسبيا ، سنبقى سائرين في دائرة البحث عن خلاص أنفسنا ، وقد لا نصل إلى نقطة النهاية . وبطبيعة الحال فإن حالة الانفصام التي يعاني منها إنساننا العربي في الزمن الراهن ، بتأثير التغني فقط بأمجاد الخلف ، سيبقيه حكما في آخر الركب ، وسوف تزيد رقعة المسافة بينه وبين الذين ساروا ويسيرون إلى الأمام غير عابئين بشعارات كنا وكنا ذات يوم ، وخصوصا في عصر المتغيرات السريعة التي نشهد معالمها حولنا على مدار الساعة .
وفي قول الأخ " أبو أنطون الحلبي " عن الإنسان الذي لا ينفعه إن هو ربح العالم وخسر نفسه ، تتجلى أكثر فأكثر صورة المأساة التي يعيشها أبناء اليوم ، ومسندها القوة التي يمتلكها الأغنياء والمتسلطون والظالمون والمستكبرون والخطاة ومن أتى الأخ " أبو أنطون " على ذكرهم بسبب جنوحهم نحو تقديس الذات على حساب الفقراء والمقهورين والمظلومين والمتواضعين والصالحين الذين هم ملح الأرض كما يعلمنا السيد المسيح وكما هم في اعتقادي واعتقاد صاحب التعليق أيضا بكل تأكيد . والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : إذا فسد الملح فبماذا يملح ؟
إن عودة إلى خلاص نفس الإنسان مما يفسدها ويشوّه صورتها التي جاءت على صورة الله أصلا ، لا بد أن تعيدنا إلى البداية ، إلى أهميّة الاعتراف بأن التغني بالأمس ، وبالأمس البعيد نسبيا كما أشرت من قبل ، من العبث أن يضفي على واقعنا نفعا ما دمنا لا نعترف بأننا خسرنا جولة أو جولات وعلينا الآن تحديدا أن نستدرك أمرنا ، نحن العرب أبناء هذا الحاضر المؤرّق ، حتى نتجنب خطر الوقوع في تجارب الجولات الخاسرة ، لأي اعتبار من الاعتبارات التي تضعنا في مواجهة ظروف تحدّي الأطماع التي يسعى أصحابها لإعادتنا إلى نقطة الصفر . ثم إننا خارج معادلة تجاهل ما صنعنا لأنفسنا بأيدينا قبل أن يصنعه بنا الآخرون ، يصعب علينا الخروج من دائرة التناحر عربيا - عربيا إن صحّ التعبير فيما بيننا ، سعيا وراء مكسب على الأرض أو في السماء.
أجل أيها الأخ " شامي " إن خلاصنا يكون بأن ندرك أولا أسباب تشتتنا حتى نتخطى حالة الانفصام . كذلك أقول أجل أيها الأخ " أبو أنطون الحلبي " إن خلاصنا يكون بأن نربح أنفسنا لا أن نخسرها سعيا وراء ربح العالم

مشكورة سهر الليالي عل مرورك الرائع


تحياتي لك


دوما